الولايات المتحدة الخاسر الأول من حرب أسعار النفط

الولايات المتحدة الخاسر الأول من حرب أسعار النفط

  • الولايات المتحدة الخاسر الأول من حرب أسعار النفط

دولي قبل 4 سنة

الولايات المتحدة الخاسر الأول من حرب أسعار النفط

واشنطن-

اتفق المحللون الأمريكيون على أن الخاسر الأول من حرب أسعار النفط بين روسيا والسعودية هو الاقتصاد الأمريكي، واستنتج العديد من الباحثين أن الولايات المتحدة قد تكون هي الهدف المحتمل لهذه الحرب رداً على عقوبات واشنطن على صناعة النفط الروسية، وقالوا إن الرئيس فلاديمير بوتين قرر أن يقاوم عن طريق الإنتاج غير المقيد، وهو قرار يهدد بإفلاس العديد من الشركات الأمريكية المثقلة بالديون.

ومن الواضح أن بوتين لا يريد التعاون مع السعودية، ولن يخضع للضغوط، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن موسكو يمكنها تعديل موازنتها بسعر أقل بكثير من سعر النفط السعودي، كما أنها فرصة للتصالح مع الولايات المتحدة.

وخرجت صحف أمريكية، من بينها “واشنطن بوست” باستنتاجات مفيدة من هذه الحرب، وكان من أهمها أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ظهر كلاعب غير موثوق به على المسرح الدولي، وأن ذلك يمكن أن يعرض الاقتصاد الأمريكي للخطر. وحذرت الصحيفة من أن تصرفات بن سلمان وبوتين في زعزعة الاستقرار العالمي من أجل أهداف شخصية أنانية ستؤدي في نهاية المطاف إلى الإضرار بالمصالح الحيوية للولايات المتحدة.

ومهما كانت الطبيعة الحقيقية للعلاقة الملتوية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي بوتين، فإن الاستنتاج التالي واضح تماماً: مع تباطؤ الاقتصاد العالمي، الذي يعاني من الآثار البائسة لفيروس كورونا، جاء قرار بوتين بأن هذا هو الوقت المناسب للبدء في حرب أسعار النفط، التي يمكن أن تقضي على صناعة النفط والغاز في أماكن أمريكية مثل كولورادو ونورث داكوتا وتكساس.

وحسب ما ورد، فقد أبلغ السيناتور ليندسي غراهام مسؤولي ترامب بأن الروس يحاولون كسر ظهر صناعة النفط الأمريكية، وعلى حد تعبير مجلة “رولينغ ستون” ليست هناك مبالغة في قراءة تداعيات حرب بوتين النفطية، ليس فقط على الاقتصاد العالمي، وانما أيضاً على العمال الأمريكيين وسياسات الولايات المتحدة.

ويمكن أن تكون هذه الحرب وداعاً لآمال ترامب في الانتخابات في عام 2020 حيث أن سوق الأوراق المالية المتعثرة والمفاجئة لوباء كورونا مدمر بما فيه الكفاية، ولكن بدون دعم بعض الولايات التي تعتمد على الوقود الأحفوري مثل بنسلفانيا، فإن فرصة ترامب في إعادة الانتخابات محكوم عليها بالفشل.

وقد بدأت هذه الحرب قبل أسابيع قليلة عندما اندلعت معركة حول إنتاج النفط بين روسيا والسعودية، حيث أراد السعوديون خفض الإنتاج ليواكب انخفاض الطلب على النفط بسبب فيروس كورونا والانهيار الاقتصادي العالمي، واختلف الروس معهم، وبدلا من ذلك، قاموا بتعزيز إنتاج النفط والغاز، ما أدى إلى أكبر انخفاض في أسعار النفط منذ حرب الخليج عام 1991. وبالنسبة لعام 2019 فقد كان سعر النفط ثابتاً عند حدود 60 دولارا للبرميل، ولكن انخفض إلى 30 دولاراً مع بدء الحرب.

وقال الباحث جيف غوديل في “رولينغ ستون” إن السياسة التي تقف وراء الخطوة الروسية معقدة، ولكنها ترقى إلى قرار بوتين بمحاولة الاستيلاء على جزء أكبر من سوق النفط من السعوديين، مشيراً إلى أنها لعبة تشبه “لعبة الدجاج” في انتظار من “يرمش” أولا ويخفض العرض لتثبيت الأسعار.

وبالنسبة لمنتجي النفط والغاز في الولايات المتحدة، فإن انهيار الأسعار هذا له آثار ضخمة، حيث لم تأت معظم الطفرة الكبيرة في إنتاج النفط في الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة من زيادة الحفر من قبل الشركات المتعددة الجنسية مثل “إكسون موبيل” و”شل” ولكن من التكسير، وهي طريقة مكلفة ومعقدة تقنياً تسمح للمنتجين باستخراج النفط والغاز من الصخر الزيتي.

وطالما بقيت أسعار النفط في السوق العالمية مرتفعة إلى حد ما فوق 40 دوراً للبرميل، فإن عمليات التكسير يمكنها منافسة طرق الحفر الأرخص والأكثر تقليدية التي تستخدمها السعودية وروسيا.

وقدرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن نصف عمال الحفر الصخري الأمريكي يمكن أن يعلنوا إفلاسهم إذا استمرت أسعار النفط بالانخفاض، وبالنسبة للاقتصاد الأمريكي، يمكن تحليل تأثير انخفاض أسعار النفط بطرق مختلفة، بما في ذلك ترامب الذي قال إنها أخبار جيدة للمستهلكين، أسعار البنزين تنخفض، وفي الواقع، عندما تنخفض أسعار النفط، يبدأ الناس في شراء سيارات وشاحنات غير فعالة، مما يضر بسوق السيارات الكهربائية. في أرض ترامب، سيكون الألم الناتج عن انهيار صناعة النفط الأمريكية كبيراً، وخاصة في المدن المزدهرة حول “باكن شيل” في نورث داكوتا وأيغل فورد في تكساس، وتنخفض الرغبة في شراء المعدات وسيتم تسريح عمال وستصبح شركات التكسير مثقلة بالديون.

وقد توسلت شركات النفط الأمريكية من إدارة ترامب للحصول على المساعدة، وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي بعد سقوط سوق الأسهم، ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” أن إدارة ترامب تدرس مساعدة فيدرالية للشركات التي تضررت من انخفاض أسعار النفط.

وهناك قلق في البيت الأبيض من احتمال أن تخرج الشركات المتضررة من السوق، وتحول التراجع في أسعار النفط إلى أزمة طويلة للصناعة، ووفقا للصحيفة، من المرجح أن تبدأ واشنطن بتوفير قروض حكومية منخفضة الفائدة للشركات الصخرية.

وأفادت صحيفة “بوليتيكو” أن المجلس الاقتصادي لترامب قد اجتمع لمناقشة الإجراءات المحتملة، والتي يمكن أن تشمل مشتريات النفط الفيدرالية لدعم الأسعار أو حتى الحواجز التجارية لحماية الصناعة الأمريكية، وبالإضافة إلى ذلك تحدث ترامب لولي العهد السعودي محمد بن سلمان كما تحدث مع موسكو، على الرغم من أن البيت الأبيض لم يؤكد المناقشات.

وعلى الرغم من محاولات الإنقاذ، إلا أن العديد من السياسيين، بما في ذلك قادة الحزب الجمهوري، يدركون أن سياسة سد الثغرات هي سياسة سيئة، وقال باحثون أن أذكى شيء يمكن أن تفعله الإدارة الأمريكية هو استخدام هذا الانكماش لتسريع الاستثمار في الطاقة النظيفة.

في نهاية المطاف، يبدو أن الاشتباك بين روسيا والسعودية حول أسعار النفط سيؤدي إلى معركة شرسة بين الدولتين، ولكن الخبراء قالوا إنهم في حالة حرب حقيقية مع صناعة النفط الأمريكية، عن قصد أم غير قصد، مع الإشارة إلى التباطؤ الاقتصادي قد يلحق الضرر بالاقتصاد الأمريكي.

 

“القدس العربي”:

التعليقات على خبر: الولايات المتحدة الخاسر الأول من حرب أسعار النفط

حمل التطبيق الأن